بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ

بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ
لا تكاد تمر فترة قصيرة ، حتى يصل العلماء إلى اكتشاف يهللون له ويفخرون ، وينوِّهون به في كل مكان ثم لا يلبثون أن يجدوا القران الكريم قد سبق إلى ذلك ؛ فتقوم حجة جديدة على الناس بأن هذا القران حق .
ومن بين الاستكشافات الكثيرة للعلماء اكتشاف البرزخ الذي هو الحد الفاصل بين البحرين الموجود بمضيق بجبل طارق الذي أثار الحقائق الأولية التي توصل إليها البحار المستكشف جاك ايف كوستو إلى أمور أثارت فضوله ودهشته ؛ إذ تحقق مع بعثته من جريان سيل مائي يفصل بين مياه البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي ؛ فلا يدع أحدهما يلامس الآخر أو يختلط به . و الملاحظة الغريبة التي أثارت عجبه وفضوله ؛ ذلك انه لاحظ أن الكائنات الحية من نبات وحيوان – التي تحيا وتعيش في البحر الأبيض المتوسط – تختلف في دقائق تركيبها عن شبيهاتها التي تحيا وتعيش في المحيط الأطلسي المجاور له !كما سبق لبعثة ألمانية في علوم البحار إلى ملاحظة مماثلة ، تنصب على الحد الفاصل بين البحر الأحمر والمحيط الهندي : وذلك في موضع مضيق باب المندب فهناك يقوم تيار مائي يمنع اختلاط المياه أيضا ، ويترك لكل منهما كيانه الخاص به وما يحتويه من نبات وحيوان.
هذه فرضية (1)علمية مفادها : أن مياه البحار والمحيطات ذوات التركيب المختلف لا تختلط أبدا : وذلك بفعل حاجز مائي يمنع امتزاجها قال تعالى: ((مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ{19} بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ{20} فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ21 )
ذكر كوستو –بعد ذلك- انه حدَّث صديقا له اسمه ( موريس بوكيل ) في هذا الأمر بوصفه من العجائب المجهولة في هذا العالم ! وهنا حصلت المفاجأة العظمى ؛ إذ روى ( كوستو ) أن صديقه ( بوكيل ) هزه هزا عنيفا بقوله :إذا أردت أن تعرف أنت ومن سبقك من زملائك الألمان وتكتشف هذه الحقيقة ، فما عليك إلا أن تراجع كتاب المسلمين المقدس ( القران ) الذي قص علينا هذا النبأ قبل ألف وأربعمائة سنة !!! فأسرع كوستو إلى القران الكريم في ترجمته الإنكليزية أو الفرنسية في شوق وترقب ،فوجد ضالته المفقودة نصب عينه في الآيات الثلاثة من سورة الرحمن ((مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ{19} بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ{20} فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ21 )). ثم وجد في الآية [53] من سورة الفرقان (وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً وَحِجْراً مَّحْجُوراً ))الفرقان53 بحر مالح وبحر عذب يتجاوران ولا يلتقيان ولا يمتزجان ،فكل منهما محتفظ بخصائصه ومكوناته الكيماوية ؛ بسبب أن بينهما برزخا لا يلتقيان . والبرزخ هو الحاجز والفاصل بين المضيق يفصل بينهما ، فلا يطغى أحدهما على الآخر بالممازجة والاختلاط .فسبحان الله العليم العظيم الذي أحاط بكل شئ علما.
النتيجة قال كوستو : الآن اشهد يقينا أن القران هو وحي من الله وان محمدا نبي الله ورسوله ، وان العالم المعاصر يحبو في اثر ما جاء في أناة وصبر على فترة أربعة عشر قرنا مضت من الزمن.
1- فرضية كوستو
« وفوق كل ذي علم عليم.»